نعلم جميعاً أن الإنسان ليس معصوماً عن الخطأ بل هو معرض للوقوع فيه في أية لحظة وهذه هي الطبيعة البشرية، والإعتذار عند وقوع الخطأ أمر ضروري فهو الأساس للإصلاح وإقرار المذنب بما إقترفه لكن كثيرٍاً ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولا تمر الأمور بهذه السهولة.

يظن البعض أن الإعتذار يضع صاحبه في موقف ذليل ومهين وأن من يعتذر هو شخص ضعيف لا حول له ولا قوة إلا بهاتين الكلمتين "أنا آسف" لكن في الواقع فالشخص المعتذر هو الأقوى وإعتذاره هو أبلغ دليل علي النبل والشجاعة والسمو في الأخلاق.

والإعتذار هو سلوك حضاري ومهارة إجتماعية هدفها التقريب بين الطرفين ولها هدف آخر وهو ترميم العلاقة المنهدمة وزيادة الألفة والمحبة بين طرفي النزاع وهي ليست مجرد كلمات نرددهما لينتهي الأمر بل أكثر من ذلك فهو مزيج من عدة أمور وتصرفات مختلفة تجتمع معاً حتى يحقق الإعتذار هدفه الصحيح، بالإضافة لأنّه صفةٌ من صفات الشخصية القوية وبعكس ما يعتقد الكثيرون فهو دليل على تقديرنا لمشاعر الآخرين.

ولا بد من إختيار الوقت المناسب لتقديم الإعتذار بعيداً عن إنفعال الطرف الآخر فالتأجيل لوقت قصير قد يساعد في إعادة الأمور لنصابها بشرط ألا تطول فترة التأجيل لمدَّة طويلة والنساء يملن للإعتذار أكثر من الرجال خاصة أنهن يواجهن بشكل غير واعٍ ضغوطاً إجتماعية تجبرهن على ذلك بأنه يجب على المرأة أن تكون لطيفة ومهذبة.

 أهمية الإعتذار
-يفتح الإعتذار حواراً بينك وبين الشخص الآخر كما يمنح الشخص الآخر الفرصة التي يحتاجها للتواصل معك.
-عندما تعتذر فأنت تُقّر أيضاً بأنك قد آذيت أحدهم وأن فعلك كان خاطئاً مما يساعدك على إعادة بناء الثقة وتأسيس علاقتك مع الآخر.
-يُظهر الاعتذار الصادق أنك تتحمل المسؤولية عن أفعالك وهذا يساعد على تعزيز ثقتك بنفسك واحترام الذات.
-إعتذارك يعيد للشخص الآخر كرامته وهذا يعود بنفعه عليك أيضاً فلا تستمر في لوم نفسك على ما فعلته.

قد تواجه صعوبة بالغة في الإعتذار عن إرتكاب الأخطاء فقد تظن أنه يجرح كرامتك فيرفض البعض الإعتذار لأنه يضعهم في موقف الضعيف ويجعلهم يشعرون بالخجل والإحراج على ما اقترفوه من أفعال خاطئة لكن في حقيقة الاهيك عن اعتذارك أمر الإعتذار الصادق صعب للغاية فقبول حقيقة أنك ارتكبت خطأً شيء مؤلم عندما يحدث في داخلك نواعترافك بالخطأ أمام أخري كما أن لهذا العدول عن الإعتذار آثاراً سيئة إذ يضر بالعلاقة بين الزملاء والأصدقاء وأفراد العائلة.

هل تكفي جملة "أنا آسف" لقبول الاعتذار؟
آسف وحدها لا تكفي فالكلمة بمفردها قد تُشعرك أن من أمامك ليس صادقاً وإنما يعتذر لغرض آخر في نفسه، ولكن إذا كانت مصحوبة بشعور بالندمK وبسبب الاعتذار نفسه فهذا يعني أن من يعتذر لا ينوي تكرار ما فعله مرة أخرى كما يمكنك تأكيد أنك ستتغير، وتَعِد بأنك لن تُكرر ما فعلته مرة أخرى.

خطوات فن الإعتذار
-التعبير عن الندم ووصف ما فعلت بوضوح ومن الممكن إستخدام آسف أو أنا أعتذر، فهذه الكلمات تعبر عن الندم، ولكن من المحبذ ألا تقولها منفردة، وإنما اقرنها بالأسباب، على سبيل المثال يمكنك أن تقول أنا آسف لأنني رفعت صوتي أمامك بالأمس، أو أعتذر لسوء تصرفي معك.
-حاول أن يكون الاعتذار نابعاً من داخلك، وانتقٍ كلماتك بعناية، وكن صادقاً مع نفسك ومع الشخص الذي تعتذر له.
-الإعتراف بالمسؤولية وفهم تأثير ما فعلت أو ما قلت وتتطلب تلك الخطوة أن تتعاطف مع من ظلمته ولا تضع إفتراضات واهية، وضع نفسك في مكان الشخص الذي جرحته أو أحرجته، وتخيل شعوره في ذلك الموقفK فعلى سبيل المثال، لو تأخرت عن تسليم عملك في الوقت المحدد، فعليك أن تعترف بمسؤوليتك، والعواقب التي قد تترتب على تأخركى مثل إنهاء العميل للتعاقد معك.
- أن تجد طريقة تعوض بها من أسأت إليه بحسب الموقف فمثلاً لو أخطأ المدير في حق أحد موظفيه أمام موظف آخر أو أكثر فعليه أن يعتذر إليه أمامه أو أن يمتدحه أمامهم أو أن يعطيه فرصة تحمل مسؤولية معينة ليظهر من خلالها مهارات على أن يتجنب أن يكون وعداً زائفاً، فهنا يكون الضرر مضاعفاً.
-الوعد بأن الأمر لن يتكرر بمثابة رسالة اطمئنان بأنك غيرت سلوكك، وتساعد تلك الخطوة على إعادة بناء الثقة وإصلاح العلاقة مرة أخرى
-من الممكن إضافة خطوة أخرى، وهي عدم تقديم الأعذار، فلو أقدمت على تفسير موقفك، وشرح سبب تصرفك على هذا النحو، فلاتلجأ إلى تقديم الأعذار فتلقي باللوم على شخص أو شيء آخر، فهذا يظهرك ضعيفاً.

ماذا لو لم يتقبل الطرف الآخر اعتذارك؟
في بعض الأحيان لا يكفي إعتذار واحد فقط لإظهار الندم الحقيقي، وقد تكون مجبراً على تقديمه عدة مرات للحصول على العفو خاصة إذا كان خطأك جسيماً. تكرار الاعتذار يعد تأكيداً على الشعور بالندم، وهذا الندم يساعد على تقليل غضب الآخر، ويعيد بناء ثقته.

إذا فعلت الخطوات السابقة بأكملها، وفي النهاية رُفض اعتذارك، فكل ما عليك فعله أن توضح أنك تريد الحفاظ على علاقتك جيدة مع الشخص الآخر، فيمكنك القول إنك آسف أن ما فعلته قد أوصلكما إلى تلك النقطة، وإنك تود أن تستعيد علاقتك الجيدة، وتوضح له أنك في انتظاره دائماً إذا غير وجهة نظره وقبل اعتذارك.

 

الإعتذار بين الزوجين
الإعتذار بين الزوجين أمر لا مفر منه، وخطوةٍ هامة في مسيرة التفاهم، ففي حال أخطأت الزوجة بحق زوجها فأمامها إختيار الطريقة التي تعتذر بها حسب شخصية زوجها، فيمكنها تقديم الإعتذار مباشرة، أو إعتماد طريقة أخرى تجدي معه نفعاً عبر إعداد وجبة يحبها، أو تقديم هدية رمزية، يمكن للزوج كذلك الإعتذار لزوجته إذا أخطأ بحقها، ويكون ذلك بالطريقة المباشرة، أو اللجوء إلى الرسائل المرفقة مع الورود، أو هدية رمزية، قد تُعبّر عن الكثير وتتسبب في كَسر حواجز الرهبة، بجوار القيمة المعنوية لها.

إقرأ أيضاً