"كانت الموضة تنزل هنا قبل ما تنزل باريس" صرخة أطلقها زكي الدسوقي بصوت الزعيم عادل إمام في عمارة يعقوبيان، وبالعودة لما قبل خمسينيات القرن الماضي، سنجد تلك المقولة قريبة جداً من الواقع فقد كانت العلامات التجارية المصرية قوية وشاملة كل شيء فقد كان المصريون ينتجون كل شيء من الإبرة للصاروخ. فهل تعرف قصص تلك الصواريخ والأصل وراء الميلاد.
تجول بين أروقة وسط البلد وستجد محلات صيدناوي وعمر أفندي وبنزايون بأماكنها لكنها باتت كما قال عنها زكي الدسوقي «من تحت مسخ»، فهي لا تقدم سوى فاترينة خاوية يعلوها إسم العلامة التجارية وبداخلها لا شيء. أسماء عاشت بيننا وربما نجهل أصلها وقصتها وبدايتها وإن كننا نري النهاية حية بيننا.
صيدناوي ولد في الموسكي
سلسلة محلات أسسها السوري سمعان صيدناوي وأخوه سليم عام 1913 في ميدان الخازندار بالموسكي في مبنى مساحته 8530 متر بعد أن هاجر سمعان من سوريا لمصر بعد أن طرده أهل قريته خوفاً من اللعنة بعد فوزه بورقة يانصيب بإعتبارها خطيئة كبري. تخصص صيدناوي في بيع أقمشة ومنسوجات مصرية من إنتاج ورشته ولمع إسمه وتوالت الفروع بالقاهرة والأسكندرية والمنصورة وطنطا وباقي المحافظات ولكن كان لثورة يوليو رأي آخر مخالف حول صيدناوي بفروعها التي بلغت بحلول الستينيات ٧٢ فرعاً وأكثر من ٦٥ مخزناً فأممتها وأطاحت بالإمبراطورية التي إنهارت تاركة خلفها أطلالاً من المعارض الأثرية شاهدة على تجارة قوية أثرت في الإقتصاد المصري.
عمر أفندي من النمسا لعبد العزيز
عائلة نمساوية يهودية رأت في مصر سوقاً واعدة فأسست عمر أفندي عام 1856 كسلسلة متاجر حكومية مصرية بلغ عدد فروعها 82 فرعاً و68 مخزناً إنتشرت بكل أرجاء مصر. أما أصل التسمية فيعود لكبير العائلة وهو ريزدى باك وكان يملك محلاً لبيع السجاد العجمي وكان لديه عامل بسبط يدعى عمر يحترمه الجميع وبفضل تلك المحبة عرض ريزدى باك الشراكة على عمر بالإسم فقط في محل كبير في شارع عبد العزيز فأسسا عمر أفندي. وفي رواية أخرى قيل إن ريزدى باك باع محلاته لأحد التجار الأتراك ويدعى عمر أفندي، طالت موجة التأميم عمر أفندي عام 1957 وتدهور حتي بيع عام 2005 لشركة سعودية لكن القضاء الإداري قضى بعودة الشركة للدولة.
شيكوريل حرقه الإخوان
أسسه الإيطالي مورينيو شيكوريل عام 1887 بعد هجرته من أزمير التركية لمصر وكان أول محل بإسم "ليه جراند ماجازان شيكوريل" بمنطقة الأوبرا القديمة بوسط القاهرة بمساعدة أولاده سولومون ويوسف وسالفاتور كما أسس الخواجة شركة ضخمة برأس مال 500 ألف جنيه وترأس مجلس إدارتها وعمل بها 485 موظفاً أجنبياً و142 موظفاً مصرياً. طال شيكوريل كثير من المآسي فقد خسر الكثير في حريق القاهرة الأول عقب حرب فلسطين عام 1948 وإتهمت جماعة الإخوان بتدميره وأعيد بنائه ثم نال منه حريق القاهرة الثاني عام 1952 وأعادت الحكومة بناؤه ثم وضعته تحت الحراسة بعد العدوان الثلاثي حتي تخلى أصحابه عنه وباعوا أسهمه لرجال أعمال آخرين.
بنزايون وأول إمساكية
مالكه داود عدس الذي أسس مجموعة محلات تجارية في شارع عماد الدين ومنطقة الأزهر وكان أول من طبق نظام البيع بالتقسيط في مصر، إمتازت محلات داود عدس بنزايون، بإعلاناتها المبتكرة وأشهرها إمساكية إستخدمت كدعاية وأصبحت نموذجاً لإمساكيات رمضان إذ احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية ومواعيد الإفطار والإمساك وكانت توزع على الصائمين في الشوارع.
باتا ممنوع الأوكازيون
دخلت باتا مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي وبنت بها مصنعاً للأحذية ولكنَّ التأميم فصل عام 1961 شركة باتا مصر عن الشركة الأم وهي شركة عالمية أصلها تشيكي ومقرها الأساسي مدينة لوزان في سويسرا، دخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية عندما باعت 14 بليون حذاء بوصفها أكبر شركة لبيع الأحذية وتملك باتا تاريخاً حافلاً بالعالم العربي فقد إرتبط إسمها بالتحولات السياسية وتأميم الشركات العالمية وكانت الشركة الوحيدة التي لا تقوم بتنزيلات على أسعار أحذيتها لأنها متأكدة من جودة بضاعتها التي تعمِّر طويلاً.